اتّخذت تداعيات الأزمة الرئاسية أبعاداً جديدة في ظلّ تطوّرَين بارزَين صادف أنّهما يتصلان بموقفَي الدولتَين الخليجيّتَين المنخرطتَين في الجهود العربية والدولية لحلّ الأزمة وإعادة لبنان إلى سكّة التعافي وهما المملكة العربية السعودية وقطر. وإذ كان لافتاً أن شكّل إحياء العيد الوطني السعودي مناسبة لإعادة بلورة وتثبيت الموقف السعودي المبدئي على لسان السفير وليد بخاري، وأساسه استعجال انهاء الفراغ الرئاسي، والتشديد على أنّ الحلول المستدامة لا تأتي إلّا من داخل لبنان وليس من خارجه بما يُثبَت سيادية هذا الاستحقاق، تسرّبت معطيات إضافية عن مهمّة الموفد القطري تُظهر السعي التمهيدي للمهمة الرسمية التي سيقوم بها لاحقاً وزير الدولة للشؤون الخارجية القطرية في سياق التوافق على مرشح ثالث من غير المحسوم من الآن كيف سيكون تعامل القوى اللبنانية المتنازعة معه. ذلك أنّ المعطيات التي سُرّبت أمس وفقا ل”النهار”، من أوساط قريبة من الثنائي الشيعي، بدت لافتة لجهة الإيحاء أنّ طرفَي الثنائي لم يكونا إيجابيّيَن مع عناوين التحرّك القطري.
وفي معلومات “الديار”، أن الموفد القطري يجمع المعلومات من القادة ورؤساء الكتل النيابية التي يلتقيها في لبنان ويحضر الأرضية السياسية في لبنان لزيارة سةف يقوم بها قريبا وزير الخارجية القطري بهدف طرح مجموعة افكار تسلم في حلحلة الملف الرئاسي اللبناني والذي بلغ الحائط المسدود مؤخراً. وكما أصبح معروفا أن قطر تطرح في الاروقة الدبلوماسية والسياسية اسم قائد الجيش العماد جوزيف عون، فهل تتمكن من تأمين اجماع سياسي حول اسمه؟ وهو ما يستبعده كل المراقبين نتيجة اعتراض رئيس تيار الوطني الحر جبران باسيل ودعم الثنائي الشيعي غير المشروط لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية.
بالطبع هذا المشهد يقترح أمرًا من اثنين: إما هناك تواصل وتنسيق فرنسي – قطري كبير يحمل في طياته تطويق للطبقة السياسية اللبنانية وهذا الأمر غير مؤكد بحكم غياب أي مؤشرات. وإمّا هناك منافسة فرنسية – قطرية، وبالتالي المسعيان يتطوران بشكلٍ مستقلّ كما توحيه تصريحات وزير الخارجيّة والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب الذي صرّح خلال وجوده في نيويورك أن المبادرة الفرنسية ماشية، لكن بمفردها. حتى الساعة الصورة المُعطاة في الإعلام تُظهر الأمر على الشكل التالي: فشلت المُبادرة الفرنسية واستلم القطريون المُهمّة لكن هذا الأمر غير أكيد والشيء الوحيد الأكيد في كل هذا الإطار أن مصير اللبنانيين هو بين أيديهم وأن التدخّل الخارجي في اللعبة السياسية هو نتاج الخضوع لفتوات الخارج وللمصالح الشخصية للسياسيين أكثر منه لمصلحة الشعب اللبناني… على هذا الصعيد، كان للنائب سجيع عطيّة موقف ملفت إذ قال: «الإمكانات المادية تميّز المبادرة القطرية عن المبادرة الفرنسية، فاللبناني بلا كرامة وهناك ضعف لدى السياسيين اللبنانيين بين من يأخذ ومن ينتظر ومن هو موعود».