دموع التماسيح
دأب العديد من المسؤولين الزمنيين والروحيين وأصحاب الرأي والشأن على التباكي على حقوق المسيحيين واستباحة صلاحيات الرئاسة، ونسوا أو تناسوا، لا سيما المسيحيين منهم، أنهم كانوا أول من غرس الأسافين في عرش الرئاسة وضربوا عرض الحائط بصلاحيات الرئيس حتى في عز وجود الرئيس في بعبدا وقبل انتهاء عهده، وهم لم يستسيغوا وجود رئيس قوي اختصر بشخصيته القوية أدوارهم التي دأبوا على ممارستها طيلة العهود السابقة، مستعينين بالغريب طوراً وأحياناً بما ملكت يداهم من وسائل ضغط من مال وإعلام، وجمهور متعطش لمعاودة ممارسة أساليبه الميليشيوية التي تربى عليها.
الطابة لم تزل في ملعب اللبنانيين
بعيداً من استذكار الماضي القريب والبعيد وكي لا نقع في لعبة ” بيك اقوى من بيي” لا بد لنا من استعراض واقع الحال والنظر بروح إيجابية إلى الممكن من الحلول وذلك بغية إيجاد الطريق السليم لإيصال مركب الوطن إلى بر الأمان.
من الواضح ان رئيس حكومة تصريف الأعمال لا يستطيع شيئاُ، وذلك بالرغم من وضع اليد اللاشرعي على صلاحيات الرئاسة متمترساً وراء الفراغ ومدعوماً من قبل الثنائي الشيعي، الذي لولا دعمه لكان أعجز من ان يعقد اجتماعاً لمجلس الوزراء ولو في جلسة عادية، وهو أعجز من ان يتخذ قراراً لا يوافق عليه سلفاً الثنائي أو رئيس المجلس النيابي ووزراؤه في الحكومة في الحد الأدنى. هكذا نرى أن الحكومة اللاشرعية واللاميثاقية تستمد قوتها من دعم قوى أمر واقع ليست في وارد الولوج إلى الحلول الكبرى وذلك لعدد كبير من الأسباب.
الرئاسة وحدها الحل
هكذا تبدو الرئاسة كالشمعة في آخر النفق التي منها سينطلق أفق الحل اللبناني والداخلي، وإذا كان رئيس حكومة تصريف الأعمال هو بانتظار حل غزة والثنائي هو بانتظار “ما بعد بعد غزة” فإن المسيحي وعفواً من استعمال كلمة مسيحي – إذ إن الرئيس الماروني هو وحده الغائب أو المغيب عن القرار- إذن المسيحي هو وحده المستعجل لإجراء انتخابات الرئاسة وذلك للإتيان برئيس يعيد المسيحي ولا سيما الدور المسيحي إلى الوطن.
ثلاثة لا بد من توافقهم لانتخاب رئيس
بعد أن كرر أكثر من مرجع نيابي ودولي أن مسؤولية انتخاب الرئيس الماروني تقع على عاتق الموارنة، وأياً يكن موقف الموارنة من هذه المقولة فإن من واجبهم ولا سيما واجب المسؤولين عنهم تلقف كرة النار والذهاب بشجاعة ومسؤولية للاتفاق على مرشح ماروني يحظى بتاييدهم. وهكذا فإن غبطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي ورئيس تكتل لبنان القوي الوزير جبران باسيل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع هم من يتحملون المسؤولية لاختيار مرشح توافقي يذهبون به إلى المجلس النيابي ليصار من بعدها إلى إجراء الانتخابات الرئاسية، وعندها تتبين لنا وكما يقول المثل “العنزة من أم قرون”. فلنتوقف جميعاً عن لعن الظلام ولنضىء شمعة.
كاتب سياسي*